محل تبلیغات شما
 مکانة الأغاني وقِیْمَتِهِ المَصْدَریّة
الإعداد: الأستاذ شریف الله غفوری،
موقف الرسمي: الأستاذ المعید بقسم اللغة العربیة في کلیة اللغات والآداب، بجامعة تخار، أفغانستان.
درجة العلمي: هو الحاصل علی الماجستیر الفلسفة في الأدب العربي بالجامعة العالمیة الإسلامِة ، إسلام آباد.
 البرید الإلکتروني: sharifullah.ghafoori@gmail.com
 
الخلاصة
إن الأغاني الكبير يُعدّ من أهم المصادر الأدبیة القدیمة التي تشتمل علی المعلومات التاریخیة والأدبیة والأحادیث المسندة وأهمیة الموضوع یرجع إلی إهتمام الکتاب والباحثین علی الکتاب وثقافته، وقد ضاع کثیراً من الدواوين الشعریة ودواوين القبائل وما كان بها من أخبار وأشعار، فإن بعضاً من ذلك احتفظ به أبو الفرج الأصبهاني وسجل ترجمات غنیة من الشعراء الماضیة في كتابه الأغاني الکبیر.
أما دراسة عن قيمة الأغاني ومنهجه وأسلوبه بنسبة مصادر الأخری فتلك أمور لم توف حقها بعدد من الدراسة المنهجية، لأجل هذا رأیت أن هذا الکتاب ذات إسهامات کبیرة في مجال الأدب والفن، ولم تَحفِل بدراسة  تستحقها. علی الرغم من وجود بعض الكتب والمقالات التي تتناول هذا الجانب أو ذاك من الأغاني.
على أن الأغاني لا يزال بحاجة إلى تضافر جهود كثيرة ومتنوعة تعمل على دراسته وتحقيقه تحقيقاً علمياً سليماً موجزاً، يستبعد ما فيه من خلل ونقص واضطراب، ويعتمد القراء على نسخة المخطوطة ومختصراته وتجريداته الموزعة في مكتبات العالم، حتى يعود إلى مكانته الأصلية وقيمته المصدرية على الرغم أن كتاب الأغاني لیس کتاب التاریخ والسیر. حاول أن یقدّمَ الباحث للقراء اللغة العربية وأدابها تعريفاً بالمصدر والمرجع الذي لابدّ لكل الباحث أن يعرفه کاملاً وقدمت نبذة عن حياة أبي الفرج الأصبهاني وكتاب الأغاني و وجهة النظر العلماء عليه و ومقصد من تأليف الكتابه له و مصادر الأغاني وعيوب المصدرية للكتاب وفي الأخير نتائج الدراسة.
الکلمات المرابطة: دراسة المنهج، کتاب الأغاني، تجریح العلماءعليه، عیوب الأغاني، قیمته المصدریة.
 
المقدمة
أن المسلمین في عهد عمر بن عبد العزيز اهتموا بتدوين وتسجيل الروايات التاريخية والأدبية واللغوية، فمنذ ذلك الوقت انكب العلماء والدارسون على الأدب العربي بحثاً ودراسة ويؤلفون المئات بل الألوف من الكتب في شتى فروع المعرفة التي أصبحت تراث الأمة لعهد قريب، هذه الكتب تُعدّ من أهم المصادر الأدبية.
يحتاج الباحث في بحثه العلمي وعمله الدراسي إلى معرفة مصادر موثوقة تساعده في الحصول على المعلومات التي يريدها وهناك فرق كبير بين المصادر والمراجع.
فالمصدر هو الكتاب الذي وصل إلينا من العصر الذي نريد دراسة أحواله والمرجع يطلق عادة على كل أثر جديد ألف عن عصر قدمضى. وبما أن خطوة الأولى في التحقيق هي معرفة المصادر المعتمدة، فمنذ توليت تدريس المادة اللغة العربية في قسم الأدب، كنت أطمح إلى كتابة مقالة موجزة يساعد الأساتذة والتلاميذ في مجال معرفة المصادر الموثوقة.
من بين ثنايا الكتب ركزت على كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، كتاب الواسع الانتشار بين الأدباء والمؤرخين وقُراء التراث الإسلامي في العالم. لأنّ كتاب الأغاني له طنين ورنين، في آذان أهل الأدب والتاريخ، حتى وصفه لجنة تحقيق الأغاني في القاهرة بأنه من أجلِّ مصادر التاريخ والأدب العربي» (17: 271) على الرغم أنه كتاب أدب وسمر وغنا وليس كتاب علم وتاريخ وفقه، فليس معنى ذلك أن نسكت عمّا ورد فيه من الدس والكذب الفاضح والطعن والمعايب، وقد جمع فيه الأصبهاني كثيراً من أخبار السيرة والتفسير والفقه والأدب والتاريخ والأنساب وأخبار القيان والسير والمغازي.
فهو تكلم عن الغناء وأخبار القيان، ثمّ عن الجن والغيلان، ثمّ يأخذ طرفاً من التفسير والسير والفقه، ثمّ يعود إلى الخمريات والتبذل، ثمّ أخبار الخلفاء ثمّ الشعر والتاريخ. حاولت أن أقدم للقراء معلومات مفيدة وناقشت آراءه وعلقت عليها بما يناسب الحديث وأخذت نماذج التاريخي الذي روي الأصبهاني لايطابق الواقع التاريخي، وجدت أنه أخذ عن الآخرين وأهمل في وثوقه أو حذف الأخبار مؤثقة وجاء بأخبار غريب.
على الرغم أن أبا الفرج الأصبهاني كان من أعلام المعرفة ولكنه قد خصص نفسه فيما يبدو في أمور الإماء والقيان والسماع والخمر؛ وسطر كل ما يتعلق بهذه الفنون ودون كل ما يتصل بها سواء أكان ذلك في كتابه الأغاني أو في عدد كبير من الكتب العديدة التي نمرُّ عليها والتي تحمل العناوين الدالة على ذلك، هذا بالإضافة إلى كون الأصبهاني راوية نسابة على ما هو واضح من كتبه أنساب القبائل.
عندما كان له إلمام في الرواية؛ فساق من الكتب التي سبقته أطرف ما فيها من أخبار وأشعار، ولم يسقها مفردة؛ أحياناً يراجع إلى مصادرها ورواتها الأوائل مثل الأصمعي وأبي عبيدة وابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني والهيثم بن عدي وخالد بن كلثوم وابن الكلبي وأضرابهم ومن خلفوهم من جلة الرواة والمصنفين. وأحياناً يروي بكلمات العامة كحدثنا وأخبرنا، وكثيرًا ما يقف ليفحص ما ينقله، فيرفض رواية لأن راويها ابن الكلبي أو ابن خرداذبة أو غيرهما من المتهمين.
أخيرا أتيح لكل ذي وعي من القراء أن أعيد النظر في ما أطالعه من مضامين الأغاني، فإذا هو تلقاء أكداس من المعلومات التي تبعث الحيرة في نفسي فيكاد أهتدي إلى الحكم الصحيح بشأنها، إذ أرى فيها من الحقائق الموضوعية الموثقة ما يطمئن إليه القلب والعقل، ثم لا يلبث أن يفاجأ بأضدادها من الأخبار التي تتنافى مع العقول السليمة والمشاعر النبيلة.
 
أبو الفرج الأَصْبَهاني (284 - 356 هـ / 897 - 967 م)
أبو الفرج الأصبهاني من أئمة الأعلام، هو علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن ابن مروان بن عبد الله بن أمير المؤمنين مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القریشي الأموي؛ وكان عمه الحسن بن محمد، من كبار الكتاب بسِرّ من رأى، أدرك أيام المتوكّل؛ وكان عمه عبد العزيز بن أحمد بن الهيثم، من كبار الكتاب في أيام المتوكل.(4: 107)  و(2: 272)
وأجمع الرواة على أن مولده في أصبهان كان سنة 284هـ-897م في خلافة المعتضد بالله، وهي نفس السنة التي مات فيها البحتري الشاعر، ولد في أصبهان انتقل إلى بغداد وأصبح من ندماء الوزير المهلبي، وزير معزّ الدولة بن بويه، ونشاء في بغداد والكوفة وتوفي في خلافة المطيع بالله في بغدادسنة 356هـ. وقال الذهبي في شأنه: "والعجب أنه أموي شيعي" (21: 278)
تَعَلُّمِهِ وتَعْلِيْمِه: أبو الفرج الأصبهاني أخذ العلم عن أبي بكر ابن دريد، وأبي بكر ابن الأنباري، ومحمد بن عبد الله الخضرمي، والحسين بن عمر بن أبي الأحوص الثقفي، وعلي بن العباس المقانعي، والفضل بن الخباب الجمحيّ، وعلي بن سليمان الأخفش ومحمد بن عرفة الأزدي لقبوه نفطويه، والطبري، ومحمد بن جعفر القتّات وغيرهم من رجال الشعر والأدب واللغة والنحو والحديث والتفسير والأنساب والأخبار والتاريخ. (36: 259)
هو كان حياً حتى الأيام مروان بن محمد المذكور آخر خلفاء بني أمية؛ وقال ابن خلكان جده مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وهو أصفهاني الأصل بغدادي المنشاء. كان من أعيان أدبائها، وأفراد مصنفيها، وروى عن عالم كثير من العلماء يطول تعدادهم، وكان عالماً بأيام الناس والأنساب والسير، يحفظ الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والأدب والنسب. وذكر صاحب الصبح المنبي أن العلم الفرد في قوة الحافظة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. ولقد شرط الملك المعظم عيسى لكل من يحفظ المفصل لمخشري مائة دينار وخلعة فحفظه لهذا السبب جماعة. يحفظ اللغة والنحو والحرف والسير والمغازي ومن آلة المنادمة شيئا كثيراً مثل علم الجوارح والبيطرة وشيء من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعراء. ومن غرائبه أنه على علمه وفضله كان وسخًا قذرًا لم يغسل له ثوبًا منذ أن فصله إلى أن قطعه، وهو مع هيئته الرثة.
كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيام الناس والشعر والغناء والمحاضرات يأتي بأعاجيب بِحَدثنا وأَخبرنا وكان طلبه في حدود الثلاث مِئَة فكتب ما لا يوصف كثرة حتى لقد اتهم والظاهر أنه صدوق.
اشتهر أبو الفرج الأصبهاني في عصره بسعة العلم والرواية وكثرة الحفظ، وحسن الاستيعاب والدراية. فكان بذلك موضع تقدير تلامذته ومعاصريه، ومثار تعجبهم واستغرابهم، وقد عبّر عن ذلك أحدهم فيما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه فقال: "حدثني التنوخي عن أبيه قال: ومن الرواة المتسعين الذين شاهدناهم أبو الفرج الأصبهاني، فإنه كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والحديث المسند والنسب ما لم أر قط من يحفظه مثله، وكان شديد الاختصاص بهذه الأشياء ويحفظ دون ما يحفظ منها علوماً أخر منها اللغة والنحو والخرافات والسير والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئاً كثيراً مثل علم الجوارح والبيطرة ونتف من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك".( 19: 337) استوطن بَغْدَاد وَكَانَ من أَعْيَان أدبائها وأفراد مصنفيها وَكَانَ أخبارياً نسابة شَاعِرًا ظَاهر التَّشَيُّع. (11: 15)
قَالَ أَبُو عَليّ التنوخي: ومن المتشيعين الذين شاهدناهم أبو الفرج الأصبهاني، كان يحفظ من الشّعْر والأغاني وَالْأَخْبَار والمسندات والأنساب مَا لم أر قطّ من يحفظ مثله ويحفظ من سوى ذَلِك من عُلُوم أخر منها اللغة والنحو والخرافات والسير والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئاً كثيراً، مثل علم الجوارح والبيطرة ونتف من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك، وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان الظرفاء الشعراء. وجهة نظر العلماء عليه
قال الخطيب في تاريخ بغداد بإسناده الجيد عن محمد بن الحسين بن الحسين النوبختي يقول: "كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس، كان يدخل سوق الوراقين، وهي عامرة، والدكاكين مملوءة بالكتب، فيشتري شيئا كثيرا من الصحف، ويحملها إلى بيته ثم تكون رواياته كلها منها" (20: 398). وقال الذهبي: كان وسخا زريا خلّط قبل موته، وكانوا يتقون هجاءه (27: 153)
وقال الحافظ ابن الجوزي في المنتظم في تاریخ الملوك والأمم : . ومثله لا يوثق به فإنه يصرح في كتبه بما بوجب العشق ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه،ومن تأمل كتاب الأغاني رأى فيه كل قبيح ومنكر» (3: 40-41)
وقال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (27: 151-152): الأموي صاحب كتاب الأغاني شيعي وهذا نادر في أموي، كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيام الناس والشعر والغناء والمحاضرات،يأتي بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا .». (6: 221) و(12: 263)
وقال ابن شاكر الكتبي نقلاً عن الحافظ الذهبي: رأيت شيخنا تقي الدين ابن تيمية يضعّفه ويتهمه في نقله ويستهول مايأتي به، وماعلمت فيه جرحاً إلا قول ابن أبي الفوارس:خلّط قبل موته» (17: 19) .
قال أبو عبد الباري: ومن هنا كانت كلمة ابن الجوزي في أبي الفرج الأصبهاني دقيقة ألا وهو قوله في المنتظم: ومثله لا يوثق بروايته، يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون من شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل قبيح ومنكر.» (12: 40-41).
حافظ ابن حجر عسقلانی موقفه مشهور في الرد على ناسخٍ لكتاب "الأغاني" بيّض لموضع منه لأنه بزعمه مما لا يستحل نقله، فكتب الحافظ بيده الجملة المتروكة وملأ ذلك الفراغ ، وردّ على الناسخ. (6: 221)
وَسمع أَبُو الْفرج من جمَاعَة لَا يُحصونَ وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَ أبو عبيد الله المرزباني أبو أحمد العسكري وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبراني و جَعْفَر بن قدامة بن زياد و حبيب بْن نصر بْن زِيَاد أَبُو أَحْمَد المهلبي و مُحَمَّد بْن مهاجر المعروف بأخي حنيف، وَعن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور، وَأبو بكر الهذلي مسلم بن الوليد- المعروف بصريع الغواني و علي بْن صالح بْن الهيثم الكاتب الأنباري  وأبو بكر الجوهري و محمد بن جعفر الصّيدلانىّ النحوىّ وغيرهم. ( 20: 396)
 
 
 
کتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني
لقد عاش أبو الفرج الأصبهاني اثنتين وسبعين سنة، (284-356هـ)، ولكنها سنوات حافلة بالتأليف والجد في سبيل التحصيل العلمي، ويكفي أن المدة التي استغرقها تأليف كتاب الأغاني كانت خمسين سنة، غير أن السنوات الخمسين لم تكن كلها في تأليف الكتاب وحده، وإنما كانت جمعًا لمادته وتنسيقًا لموضوعاته في فترات متقاربة حينًا، متباعدة أحيانًا، بحيث استطاع أن يقدم آثاره الأخرى الوفيرة التي أحصاها المترجمون فإذا هي خمسة وعشرون كتابًا بالإضافة إلى الأغاني.
ألف كثيراً من الكتب في العلوم المختلفة وأشهرها كتاب "الأغاني" الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله قيل أنه جمعه في خمسين سنة وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه" (10: 307) ولما سمع صاحب بن عباد قال لقد قصر سيف الدولة وإنه ليستحق أضعافاً إذ كان مشحونا بالمحاسن المنتخبة والفقر الغريبة، فهو لاهد فكاهة. وللعالم مادة وزيادة وللكاتب المتأدب بضاعة وتجارة. وللبطل رجلة وشجاعة وللمطرب رياضة وصناعة وللملك طيبة ولذاذة.
المقصد من تألیف الکتاب
كتاب "الأغاني" الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله، يقال إنه جمعه في خمسين سنة، وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه.وأیضا أرسل نسخة من الکتاب الأغاني إلی عبد الرحمن الناصر صاحب الأندلس فاستقبله وأرسل إلیه الهدایا. وحصل له ببلاد الأندلس كتب صنفها لبني أمية ملوك الأندلس يوم ذاك وسيرها إليهم سراً وجاءه الإنعام منهم سراً، وكان يبعث بتصانيفه سراً إلى صاحب الأندلس الأموي فيأتيه إنعامه. (29: 278) فمن ذلك كتاب " نسب بني عبد شمس" وكتاب "أيام العرب" ألف وسبعمائة يوم، وكتاب "التعديل والانتصاف" في مآثر العرب ومثالبها، وكتاب " جمهرة النسب " وكتاب "نسب بني شيبان " وكتاب "نسب المهالبة " وكتاب "نسب بني تغلب " و "نسب بني كلاب " وكتاب " الغلمان المغنين " ذلك.
 وحكي عن الصاحب بن عباد أنه كان في أسفاره وتنقلاته يستصحب حمل ثلاثين جملاً من كتب الأدب ليطالعها، فلما وصل إليه كتاب "الأغاني" لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه، استغناءً  به عنها.
وإذا كنا فقدنا كثيرًا من الأخبار والآثار  والأشعار من الأمم الماضية فإن بعضاً من ذلك احتفظ به أبو الفرج الأصبهاني في كتابه الأغاني الذي ترجم فيه للشعراء من القرن السادس إلى القرن التاسع للميلاد ترجمات كاملة، سجل فيها كثيرًا من الآثار التي فقدت أو مسحت عن الأذهان الرواة، وكان له ذوق عالم ناقد بصير؛ فساق من الكتب التي سبقته أطرف ما فيها من أخبار وأشعار، ولم يسقها مفردة؛ بل ساقها بأسانيد التي لم تؤثق بها و ذكر أسماء بعض من رواة وراجع المروي إلى رواتها الأوائل ولم يذكر مصادرها كمثل الأصمعيات جلد كذا وصفحة كذا ولكن ذكر رواتها كمثل الأصمعي وأبي عبيدة وابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني والهيثم بن عدي وخالد بن كلثوم وابن الكلبي وأضرابهم ومن خلفوهم من جلة الرواة والمصنفين. وإذا تعددت الروايات في الخبر ذكرها جميعًا، وكثيرًا ما يقف ليفحص ما ينقله، فيرفض رواية لأن راويها ابن الكلبي أو ابن خرداذبة أو غيرهما من المتهمين. وقد يشك في مقطوعة أو قصيدة تنسب لشاعر من الشعراء، فيرجع إلى ديوانه في رواياته المختلفة، وينص على أنه وجدها أو لم يجدها، وقد يعرض الخبر على التاريخ ليتوثق منه. وفي تضاعيف ذلك يسوق آراء الرواة والنقاد في الشعراء وشعرهم. والحق أنه أكبر مصدر لتاريخ الشعر الجاهلي وأصحابه؛ فإذا أضفنا له الأصمعيات والمفضليات وديوان هذيل وما صح من الدواوين المفردة كنا أمام مادة خصبة للبحث والدراسة في الجاهليين وأشعارهم وأخبارهم.( 31: 2)
 
 
مصادر الأغاني
أخذ الأصبهاني مصادر کتابه من الوشایات والحکایات التي لا أساس لها فلهذا يعتبر الأغاني من المصادر الغناء في تاريخ الغناء العربي وأخبار المغنيين والمغنييات، في بدایة الإسلام والدولة الأموية والجانب الذي عاش في دولة العباسيين، لكن الأصوات والمصطلحات الواردة في الكتاب غير معروفة ولم يتنبه العلماء من تحديد مدلولاتها بعد.
مصادر كتاب الأغاني متعددة، لابد من ذكرها في هذا المجال:ما سمعه شفاهاً من عامة النّاس و حكايات العامية.ما سمعه في ندوات الأدب التي يعقدها الخاصة.ما رواه من شيوخه، وحذف الأخبار المؤثقة وجاء بأخبار غريب.ما قرأه في كتاب ونقل مباشرة، في الأعمّ الأشمل لايذكر اسم الكتاب، ولكنه لايهمل اسم المؤلف كمثل ابن سائب الكلبي.أحياناً تأتي الأخبار المتشابهة في الأغاني متلاصقة، ويمزج أبو الفرج بين تلك الأخبار، ويتمم بعضها ببعض، وينسقها بحذف العناصر المتناقضة فيها، وأوضح مثل لذلك قصة مجنون وليلى، فهي عبارة عن مزيج من القصص يروي عن عمر ابن شبه، وابن قتيبه، وخالد بن كلثوم وابن سائب الكلبي. (34: 264)
مختصرات الأغاني وتجريداته
ويتجلى الاهتمام بهذا الكتاب أيضاً من خلال مختصراته وتجريداته الكثيرة التي يعود أقدمها إلى عصر مؤلفه. وقد وقفنا على عدد من هذه المختصرات المطبوعة والمخطوطة والمفقودة وسنذكرها على حسب ترتيبها التاريخي وهي:
1-مختصر الوزير المغربي: "أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين (370-4هـ) شاعر أديب مترسل، ذكر له مؤلفات عديدة. ولي الوزارة مرات كثيرة في بغداد والموصل وديار بكر، ودفن بالكوفة. (9: 172-177)
2-مختار الأغاني ومعانيها: للأمير عز الملك محمد بن القاسم الحراني المسبحي (396-448هـ) ذكره ابن خلكان، وصاحب الكشف (12: 378 ) و (28: 129) مفقود.
3-مختصر الأغاني: لابن ناقيا أبي القاسم عبد الله بن الحسن الشاعر الأديب الحلبي (410-485هـ) (10: 98) و(6: 384) ذكره ابن خلكان وقال: "واختصر الأغاني في مجلد واحد كما ذكره صاحب الكشف أيضاً (22: 160) مفقود.
4-مختصر الأغاني: للقاضي الرشيد أبي الحسن أحمد بن علي ابيري الأسواني المصري (ت563هـ)، (8: 160-161) شاعر وأديب ذكره ابن منظور في مقدمة مختارة، ونقل من مقدمته تقريظاً للأغاني، كما ذكره صاحب الكشف (13: 1) و( 22: 130) مفقود.
5-مختصر الأغاني: من النتاج أبي الفتح عثمان بن عيسى البلطي (524-559) شاعر وأديب ونحوي. (25: 141 -147) و(6: 150) تفرد السخاوي بذكره وقال: "واختصر الأغاني اختصاراً جميلاً أحسن فيه" (30: 106) مفقود.
6-مختصر الأغاني: للداخور عبد الرحيم بن حامد  (ت764هـ) وجاء أخباره في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي.
7- تجريد الأغاني من الثالث والثاني: لابن واصل الحموي (ت697هـ) أخبرنا عنها ابو الفدا وابن الوردی ( 5: 349). ابن واصل الحموی هو شيخ الأطباء ورئيسهم بدمشق وشاعر وأديب مؤلف.
8-مختار الأغاني في الأخبار والتهاني: لابن المكرم صاحب معج "لسان العرب" المعروف بابن منظور المصري (1311م) وقد رتبه على حروف المعجم، فابتدأ بأخبار أبي العتاهية، وأضاف إليه ترجمة طويلة لأبي نواس أسسها على ترجمة قديمة له من صنع ابن الأعرابي (7: 15)
9-إدراك الأماني من كتاب الأغاني: لعبد القادر بن عبد الرحمن المعروف بالسلوي، الفاسي الأندلسي الأصل، التونسي الدار، من رجال القرن الثاني عشر للهجرة، وتوفي سنة 1206هـ)
10-رنات المثالث والمثاني في روايات الأغاني: للأب أنطون صالحاني اليسوعي. وهو من مختصرات الأغاني الحديثة. ويقع في جزئين، الأول منهما مخصص بالروايات الأدبية، والثاني بالتاريخية. وحذف ما دون ذلك من أسانيد وأصوات وأخبار مغنين.
وقد جعل له مقدمة أورد فيها أطرافاً من أخبار أبي الفرج وكتبه ومؤلفاته، ونسب إليه ضمناه عدة تصانيف لم تثبت لدينا صحة نسبتها إليه. صدرت الطبعة الأولى منه سنة (88م) ولم تكن تحمل اسم المؤلف، وإنما جاء في مكانه: "لأحد الآباء اليسوعيين" والثانية سنة (1923م) وفي رأسها اسم المؤلف.
11-مهذّب الأغاني: للأستاذ محمد الخضري (متوفى1927م) من أساتذة الجامعة المصرية، حذف منه الأسانيد، ورد الأشعار إلى أصولها، وأكمل النقص فيها، ورتب الشعراء فيه على حسب أزمانهم من جاهليين، ومخضرمين، وإسلاميين، ومخضرمي الدولتين، ومحدثين، فكان من ذلك الأجزاء الستة الأولى، وخص السابع بالمغنين، والثامن بالفهارس والاستدراكات. وقد طبع في القاهرة سنة (1925م).
قبل أن نختم هذا الحديث حول مختصرات الأغاني نشير إلى أن الدكتور عبد الحي إلهي (باكستاني) كان قد ذكر في بحث له عن ياقوت الحموي، أن ابن المستوفي - وهو من معاصري ياقوت- ذكر في "تاريخ اربل"، من بين ما ذكره من كتب ياقوت، كتاباً له اسمه: "عنوان كتاب الأغاني". ويعتقد الدكتور إلهي أن ياقوت ربما كان قد عبر عن إعجابه النقدي بالأغاني، فوضع مقدمة لنسخته منه تحمل هذا العنوان (33: 34-39). وهناك مختصرات أخرى حديثة له، أو مختارات منه نذكر منها "مختار من شعراء الأغاني" لمحمد الحسين آل كاشف الغطاء (بغداد 1950م) و مختارات من الأغاني للدكتور أحمد كمال زكي، طبع في القاهرة بجزئين، دونما تاريخ الإنشاء.
طبعات الأغاني
1-طبعة الألمانية: قامت جامعة كوزجارتن بطبع الجزء الأول منه، مع ترجمة ألمانية له، سنة (10م) ويقابل هذا الجزء: الجزء الأول من طبعة بولاق إلى ص152 والأول من طبعة دار الكتب إلى صفحة 378. وينتهي عند أخبار ابن محرز، وقد ضبطت كلماته بالشكل.
2-طبعة بولاق: وهي الطبعة الأولى للأغاني، وتقع في عشرين جزءاً، صدرت بالقاهرة، عن مطبعة بولاق سنة (1285هـ) وقد أصدر المستشرق الأمريكي رودولف برونوف جزءاً مكملاً لهذه الطبعة عرف باسم "الجزء الحادي والعشرين" طبعه في ليدن سنة (1305-88م).
3-طبعة الساسي: قام بآمرها الحاج محمد الساسي، وصدرت بالقاهرة عن مطبعة التقدم سنة (1323هـ- 1905م) وتقع 21جزءاً تشتمل على الطبعة السابقة، مضافاً إليها الجزء الحادي والعشرين الذي جمعه برونوف، إذ كانت قد صنعت على أساس طبعة بولاق.
4- طبعة دار الكتب المصرية: وهي طبعة محققة تحقيقاً علمياً، صدر الجزء الأول منها سنة (1927م) واستمرت باقي الأجزاء بالصدور حتى تم منها ستة عشر جزءاً قبل تصفية القسم الأدبي، بدار الكتب سنة 1963. ثم أعيد تصوير هذه الأجزاء بالأوفست، ومنذ سنة (1970م) كلّفت الهيئة المصرية للتأليف والنشر التي حلت محل القسم الأدبي، عدداً من المحققين بمتابعة تحقيق بقية الأجزاء، فتم ذلك سنة (1974م) بصدور الجزء الرابع والعشرين منه، وتعرف هذه الطبعة بمجملها بطبعة دار الكتب.
5-طبعة دار الثقافة اللبنانية: وهي طبعة أشرف عليها الشيخ عبد الله العلايلي، وقام بأمر تحقيقها، وصنع فهارسها الأستاذ عبد الستار أحمد فراج، صدرت الطبعة الأولى في بيروت سنة (1955م) والثانية سنة (1957م) والثالثة سنة (1964م) والرابعة (1973م) .
6- طبعة دار الشعب معروف بطبعة إبراهيم الأبياري (1969-1979) وتعتمد أساساً على طبعة الدار الكتب، وقد صدرت عن مؤسسة جمال للطباعة في بيروت.
مکانة الأغاني وقیمته المصدرية
غنَّى، يُغنِّي، غَنِّ، غِناءً، فهو مُغنٍّ، والمفعول مُغَنًّى به الأغانی جمع لكلمة "غَنَّى" (بالمرْأَةِ: تَغَزَّلَ) بهَا، أَي ذَكَرَها فِي شِعْرِه؛ بعبارة أخر غَنَّى (الحَمامُ: صَوَّتَ)، أي تغنى حمامة على سَاقهَا إلاّ ادَّكرتَ ربابا، نقلَهُ الصَّاغاني عَن الفرَّاء: (نَوْعٌ من الغِناءِ)، يَتَغَنّونَ بِهِ؛ والجمْعُ بالأغاني؛ وَبِه سَمَّى أَبو الفَرَج الأصْبَهاني كتابَهُ لاشْتِمالِه على تَلاحِين الغِناءِ. (28 :195) تعريف الغنى: غنَّى فلانٌ: طرّب، ترنَّم بالكلام، أصدر من فمه أصواتًا موسيقيّة (32 :1647).
إن معرفة الباحث على المصادر والمراجع التي يستعين بها في بحثه أمر ضروري وأساسي في نجاح بحثه وعمقه وشموله؛ لأنها تضم المادة العلمية التي يقوم بحثه بها، ويتكون منها، ويعتمد عليها؛ فهي مَعِين بحثه وينبوعه، كما لا يؤتي البحث ثمراته إلا بالاعتماد على المصادر والمراجع إلى جانب جهد الباحث وتفكيره وحسن ابتكاره وأسلوبه، ومن ثَمَّ اهتم أهل العلم بالمصادر وتصنيفها وإقامة المكتبات وما يلحق بها؛ لأن كل ذلك ميدان العلماء والباحثين.
فالمَصْدَر: هو كل كتاب تناول موضوعًا وعالجه معالجة شاملة عميقة، أو هو كل كتاب يبحث في علم من العلوم على وجه الشمول والتعمق بحيث يصبح أصلًا لا يمكن لباحث في ذلك العلم الاستغناء عنه (16: 127) والمصدر في علم النحو: يطلق على شيء غير امان من المدلولين اللذين يدل عليهما الفعل. (24: 205)
فموضع الإهتمام هنا معرفة المصادر في البحث نركز عليها لابدّ من الذكر أن بعض من الأساتذة والكتّاب لا يفرق بين المصدر والمرجع فيجعلهما مترادفين. ولا بأس في ذلك؛ لأن هذا مجرد اصطلاح ولا مشاحة في الإصطلاحات.
نرجع إلى قيمة كتاب الأغاني بين المصادر البحث العلمي، لاشك أن كتاب الأغاني يعتبر أوسع كتب الأدب العربي شهرة وأوفرها حظًّا وأكثرها تداولًا على ألسنة المتأدبين، لضخامته مبنى وحجمًا، ونفاسته قيمة ومحتوى، ولكن ليس الكتاب المؤثق في مجال التاريخ والسير والتفسير والحديث لأن هدف من تأليف الكتاب جمع الأصوات التي اختارها المغنون لهارون الرشيد، ومنهجه الذي مزيج من الموسيقى والأدب، فمن خلال الموسيقى جمع الأصوات المائة التي اختارها المغنون للرشيد، والأصوات بلغة عصرنا هي الألحان، ومن خلال الأدب حشد أبو الفرج في كتابه استطرادًا من النص الشعري الملحن اسم مغنيه وقائله وأخباره وأشعاره وبيئته وثقافته وصلاته بالناس وصورة عصره، ووصف مجتمعه إلى غير ذلك. (7: 764).
من ناحية الغناء، وهي الصفة الملازمة للكتاب ملازمة أبدية؛ لأن اختيار المؤلف عنوانه كان "الأغاني" فإن الأصبهاني قد عمد إلى ذكر المائة صوت المختارة للرشيد، وهي التي كان قد أمر كلا من المغنين الكبار: إبراهيم الموصلي وإسماعيل بن جامع، وفليح بن العوراء باختيارها له من الغناء الذي عرفوه. وهذه الأصوات "الألحان" المائة كانت قد رفعت بدورها إلى الواثق بن المعتصم، فرأى أن يدخل بعض التعديلات في اختيار الأصوات التي جمعت لجده، وكان مولعًا بالطرب محبًّا للموسيقى مشاركًا فيها حتى إنه صح بنفسه مائة صوت "لحن" ليس فيه صوت ساقط. إن الواثق يأمر إسحاق الموصلي أن يختار مما جمعه أبوه وزملاؤه أحسنها.
والواقع أن الرشيد حين أمر المغنين بأن يختاروا له مائة صوت وتم له ما أرد، أمرهم بأن يختاروا عشرة منها فاختاروها، ثم أمرهم أن يختاروا أفضل ثلاثة منها فاختاروها. ولكن أبا الفرج في "أغانيه" يستفتح عمله بذكر الأصوات الثلاثة، ثم لا يلبث أن ينطلق منها صوتًا بعد صوت حتى يتم المائة إحصاء، أو بعبارة أخرى حتى يتمها تسعة وتسعين، وهي عدد الأصوات الحقيقية التي سجلها.
ومر بنا أن صاحبه أبا الفرج الأصبهاني ألفه في خمسين سنة هذا يرجع إلى إهتمام الكاتب على كتابة الأغاني في مدت طويلة. وأن قيمة الكتاب تنبع من عظيم شأنه وجلال قدره في عالم التأليف، ومن أنه شيء جديد في محتواه تنوعًا وثراء وتشعبًا وشمولًا وتخصصًا واستطرادًا. لقد جمع الكتاب مادة وفيرة مثيرة على ما سوف نبين بعد قليل. وأما رواية إهداء المؤلف الكتاب إلى الأمير سيف الدولة، وأنه لم يكتبه إلا مرة واحدة في عمره وهي النسخة التي أهداها إلى الأمير الحمداني، هي برغم أن الوزير المهلبي رواها على لسان المؤلف تبدو مغايرة للواقع، ذلك أن ياقوت الحموي يذكر أن ما أهدي إلى سيف الدولة كان منتخبات من الكتاب ولم يكن الكتاب كله. والخبر هكذا معقول، فسيف الدولة على رفعة شأنه لم يكن يليق بقدره أن يهدي إليه منتخبات من كتاب، ومن ثم فإن الألف دينار التي بعث بها إلى المؤلف تعتبر فضلًا منه، وأما النسخة الأصلية من "الأغاني" فيما يروي المقري صاحب "نفح الطيب": فقد بعث بها المؤلف إلى الحكم المستنصر الأموي الأندلسي (35: 362) وكانا ذوي قربى فكلاهما أموي- فأرسل إليه نظيرهما ألف دينار من الذهب العين، وينص صاحب نفح الطيب على أن الأصفهاني بعث إلى الملك الأندلسي بنسخة من كتابه قبل أن يخرجه إلى أهل العراق، وهو رأي نميل إليه، خاصة وأن الرواية قد تكررت عند صاحب تاريخ بغداد من أن أبا الفرج كان يبعث بتصانيفه سرًّا إلى صاحب الأندلس (20: 382)، ومعنى ذلك أنه أرسل مصنفات قبل الأغاني إلى عبد الرحمن الناصر، ثم إلى ابنه الحكم المستنصر، والمتتبع لسلوك أبي الفرج وسيرته يستطيع أن يرجح رأينا في إهداء الكتاب.
من ناحية منهج البحث العلمي الكتاب الأغاني فريد في بابه من حيث كونه أكبر مرجع عربي في ذكر الغناء وتاريخه وقواعده والآلات الموسيقية التي كانت على عصره أو سابقة عليه، ولكي نكون على شيء من الحرص فنحن نستثني من ذلك كتاب "الموسيقى الكبير" للفارابي، فإنه أكبر وأعظم عمل موسيقي عربي، إلا أن هناك فرقًا كبيرًا بين طبيعة الكتابين، بحيث لا يجمل الخلط بينهما ولا تحمد المقارنة.
وكمصدر أعلى للغناء العربي فإن الأصفهاني يلم بكل المغنين والمغنيات وفنونهم، وأخبارهم وألحانهم في أجزاء الكتاب على سعة رقعتها، ويعرف بأول مَن دون الغناء العربي، وهو الكاتب يونس بن سليمان من أهل المدينة، الذي أخذ فنه عن الرعيل الأول من رواد الغناء العربي مثل معبد والغريض وابن سريج وابن محرز. ولقد وصل صيت يونس وفضله إلى الوليد بن يزيد، وهو من نعرف حبًّا للطرب وشغفًا بالموسيقى وإقبالًا على الملذات، فاستقدمه من المدينة وقربه إليه وظل مقيمًا في الشام عنده حتى مقتله(17: 399).
وقارئ كتاب الأغاني سوف يصادف في طريقه كثيرًا من المصطلحات التي يستغلق عليه فهمها، ذلك؛ لأنها مصطلحات موسيقية بحتة، وكلها متعلق بالعود العربي، فمن هذه المصطلحات البم والمثلث والمثنى واير، إنها أوتار العود من أعلى إلى أسفل. (17: 39، 40)
وللعب الأصابع على الأوتار أماكن ذات مسميات فنية أيضًا، منها دستان الخنصر ودستان السبابة ودستان البنصر ودستان الوسطى. ولعلنا نلاحظ أن الخنصر والبنصر والسبابة والوسطى هي الأصابع التي تتحرك بنانها على الأوتار مشدودة على عنق العود في رشاقة وانتظام، فتحرك الأنغام متى كان صاحبها ملمًّا بفنه عارفًا بأصول العزف.
وسوف يصادف قارئ الأغاني وبخاصة عند الأصوات أسماء يشكل عليه أمرها حتى ليكاد ذهنه ينصرف إلى أوزان أبطال الرياضة في زماننا، مثل ثقيل أول وثقيل ثان، وخفيف الثقيل الثاني، وخفيف الخفيف، فلا عليه، إنها قوانين الغناء وهي لا تخرج عن ثمانية قوانين.
إن هدف الكتاب في طبيعته حسبما ذكرنا موسيقي من ناحية الشكل العام، ولكنه في واقعة كتاب عظيم من كتب أدبنا العريق، بل إن الناحية الأدبية فيه أوسع وأشمل منها من الناحية الموسيقية، فهو والأمر كذلك لا يمكن اعتباره كتاب طبقات رغم احتوائه على هذا العدد الهائل من شعراء الجاهلية والإسلام حتى نهاية القرن الثالث الهجري، فإن تلك الفكرة لم تجر لمؤلفه على خاطر ولم تلح له على بال.
إن الكتاب موسوعة أدبية فنية ثمينة. إنه ما يكاد يذكر صوتًا أي لحنًا حتى ينطلق منه ببراعة ورشاقة إلى المغني وأخباره، والشاعر وأشعاره وإن كان متصلًا بخليفة أو ملك تحدث عن هذا الملك أو ذلك الخليفة، وهو يدعم روايته بالإسناد، وإذا تعددت الروايات أثبتها على اختلافها. وفي أجزاء الكتاب العشرين وعلى سعة صفحاته تنتشر أخبار العرب وأيامهم وأنسابهم ومفاخرهم ومياههم ووصف لحياتهم الاجتماعية في أكثر من عصر وأكثر من مكان، ويركز المؤلف على مراكز الغناء وخاصة المدينة ومكة وبغداد. هذا فضلًا عن مئات التراجم وعديد السير، يضاف إلى ذلك كله تلك المجموعات الهائلة من الصور الأدبية من شعر وكتابة وخطابة وقصص ونوادر.
والأصفهاني يؤلف عن دراية ويكتب عن خبرة، فهو حين ينتقل انتقالًا مفاجئًا موضوع إلى غيره لا يصدر في ذلك عن غفلة، أو قلة دراية بأساليب التأليف ومناهجه، وإنما هو يعمد إلى ذلك عمدًا، فيقول في الصفحات الأولى من افتتاحية كتابه "فلو أتينا بما غني به من شعر شاعر ولم نه حتى نفرغ منه، لجرى هذا المجرى وكان للنفس عنه نبوة، وللقلب منه ملة. وفي طباع البشر محبة الانتقال من شيء إلى شيء، والاستراحة من معهود إلى مستجد، وكل منتقل إليه أشهى إلى النفس من المنتقل عنه، والمنتظر أغلب على القلب من الموجود، وإذا كان هذا هكذا، فما رتبناه أحلى وأحسن، ليكون القارئ له بانتقاله من خير إلى غيره ومن قصة إلى سواها، ومن أخبار قديمة إلى محدثة، ومليك إلى سوقة وجد إلى هزل أنشط لقراءته وأشهى لتصفح فنونه، ولا سيما والذي ضمناه إياه أحسن جنسه، وصفو ما ألف في بابه، ولُباب ما جمع في معناه"(17: 7).
ولعل أكثر الأدباء الأعلام تحمسًا للأغاني، هو الصاحب بن عباد حين أكثر القول في استغنائه به عن كتبه مقيمًا ومرتحلًا واصفًا الكتاب بأنه مشحون بالمحاسن المنتخبة والفقر الغريبة، فهو لاهد فكاهة وللعالم مادة وزيادة، وللكاتب والمتأدب بضاعة وتجارة وللبطل رجلة وشجاعة، وللمتطرف رياضة وصناعة، وللملك طيبة ولذاذة (17: 6) عن تجريد الأغاني لابن واصل الحموي.
إن للأغاني كل هذه الوجوه المشرقة من الجودة والإفادة والإتقان والأعماق، والجهد والإبداع، ولكن في الكتاب الكثير مما ينبو عن الذوق، وتنفر منه النفس السوية، وتتقزز منه السليقة المستقيمة، فهو مليء بالقصص المستهجنة، والحكايات الخليعة والأشعار البذيئة والاصطلاحات الساقطة، وإكثار من ذكر العورات وتعريتها في إلحاح وإلحاف يبدوان وكأنهما مقصودان. إن كل كتب أدبنا القديم لا تخلو من شيء من ذلك، ولكنها تجيء بنت المناسبة وفرض السياق، وأما الأصبهاني فكأنما كانت القبائح الكثيرة الوفيرة التي ذكرها هدفًا من أهداف الكتاب، بل أغلب الظن أنها لكذلك، ولو أنه يسر على نفسه ولم يسرف على القراء بالإلحاف في ذكر ما ذكر من إباحية ومخاز، لما نقص الكتاب شيئًا بل إنه كان زاد قدرًا وسما منزلة، ولا حاجة بنا إلى أن نشير إلى أن احتواء هذا الكتاب على الساقط من القصص والخليع من الأخبار ينال منه عند ذكره نيلًا شديدًا، ولقد تنبه إلى ذلك بعض الفضلاء من الأدباء الأقدمين فجردوه من مباذله وقدموه، نظيفًا طهورًا تحت اسم "مختصر" أو "منتخبات" أو "تهذيب" أو غير ذلك مما سوف نذكره بعد قليل.
هذا من الناحية الأخلاقية والاجتماعية، وأما من الناحية المنهجية، فهناك بعض المآخذ على الكاتب حين أغفل ترجمات بعض كبار شعراء العربية مثل أبي العتاهية وأبي نواس وابن الرومي.
لقد نبهنا ياقوت الحموي إلى شيء من ذلك في نقده للكتاب وقد قرأه مرات واستوعبه استيعابه لغيره، وذلك في قوله: "وجدته يعد بشيء ولا يفي به في غير موضع منه، كقوله في أخبار أبي العتاهية: "وقد طالت أخباره ها هنا وسنذكر أخباره مع عتبة في موضع آخر"، ولم يفعل. وقال في موضع آخر: "أخبار أبي نواس مع جنان إذ كانت سائر أخباره قد تقدمت". ولم يتقدم شيء. ويتابع ياقوت عدد الأصوات التي ذكر الأصفهاني أنها مائة ويحصيها فيجدها تسعة وتسعين لا غير.
ونحن نقف موقف الغرابة من إغفال الأصفهاني ذكر أبي نواس بصفة خاصة، ذلك أن صفات الشبه وسمات السلوك ومنعطفات الانحراف متشابهة إلى حد التطابق بين الرجلين بل إن ذكر أبي نواس وقصص مجونه والمنحرف من شعره، مما يتمشى مع هوى الأصبهاني في كتابه هذا. ومن هنا فلربما كان فرط الحرص مع هذا العمل الضخم سببًا في نسيان إلحاق فصل عن أخبار أبي نواس بالكتاب.
وأما إغفاله ترجمة ابن الرومي فنحن نميل إلى أنها مقصودة، بل إنه إهمال متعمد، وذلك لسلاطة لسان ابن الرومي ومرارة هجائه وشدة تطاوله على الناس بحيث كان أشد وطأة على بعضهم من بشار في أهاجيه. وأبو الفرج حين ذكر ابن الرومي في كتابه ذكره في سياق خبرين ينالان من مروءته ويطعنان في مسلكه، فقد ذكره مرة على أنه سارق منتحل والمرة الأخرى على أنه بعيد عن المروءة شامت في نكبة سليمان بن وهب. (17: 28 و72). ولم يكن الأصبهاني أول من أهمل ذكر ابن الرومي من مؤرخي الأدب فإن ابن المعتز صنع الشيء نفسه.
ويُعدُّ هذا الكتاب "الأغاني الكبير" أهم ما وصل إلينا من كتب أبي الفرج ومؤلفاته، ومن أكثر كتب التراث العربي قيمة وأهمية، لما تضمنته أجزاؤه الكثيرة من ألوان الثقافات المختلفة، والمعارف المتنوعة، وهو في كل الأحوال أهم مصدر من مصادر الشعر العربي ونقده منذ أقدم عصوره وحتى القرن الثالث للهجرة.
وقد أبدى القدماء إعجاباً شديداً بهذا الكتاب، وكان ابن خلدون أقواهم تعبيرا ودلالة على قيمته حين قال: وقد ألف القاضي أبو الفرج الأصبهاني - وهو ما هو - كتابه الأغاني، جمع فيه أخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم وأيامهم ودولهم، وجعل مبناه على الغناء في مائة الصوت التي اختارها المغنون للرشيد، فاستوعب فيه ذلك أتم استيعاب وأوفاه. وهو لعمري ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال، ولا يعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه. وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها.» (7: 764).
وقف أمامه الباحثون في عصرنا وقفة أكبار وإعظام، أفصح عنها المستشرق الإنكليزي فارمر بقوله "أنه كتاب من الطراز الأول في التأليف الأدبي للعرب، وقد أنفق فيه مؤلفه الجانب الأكبر من حياته، وأن المعارف التي يعرضها- ودع جانباً ما استمه من دأب وصبر -تترك المرء خجلاً مما يسمى في عصرنا أدبا وموسيقى" (34: 173).
وقد حصلت لهذا الكتاب شهرة واسعة جداً منذ أن ظهر للناس في أواسط القرن الرابع وحتى يومنا هذا، فتسابق العلماء والمتأدبون إلى قراءته على مؤلفه، ووصلت شهرته إلى الأندلس سريعاً، فبعث الحكم خليفتها إلى مؤلفه "ألف دينار عينا ذهبا، وخاطبه يلتمس منه نسخة فأرسل إليه منه نسخة حسنة منقحة" (1: 201-202)، كما بعث بنسخة أخرى إلى سيف الدولة الحمداني في حلب "فأنفذ له ألف دينار". (14: 1)
وأفاد منه عدد كبير من المؤلفين، فكان أحد مصادر الحاتمي (388هـ) في تأليف "حلية المحاضرة" (23: 12) كما اعتمد عليه البكري الأندلسي (-487هـ) في تصحيح بعض أوهام القالي في أماليه (التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه صفحة 37-47-67 ومواضع أخرى كثيرة)، ومن الأندلسيين الذين أفادوا منه أيضاً ابن الآبار إذ كان أحد مصادره في "الحلة السيراء" (1: 171) وقال ياقوت الحموي في معجمه: "وقد تأملت هذا الكتاب وعنيت به، وطالعته مراراً، وكتبت منه نسخة بخطي في عشر مجلدات، ونقلت منه إلى كتابي الموسوم بأخبار الشعراء فأكثرت" (33: 98) كما كان أحد مصادر ابن خلكان الرئيسية في تاريخه (8: 254)، (9: 163و168و169و266)، (10: 35) و(1: 254) ومواضع أخرى كثيرة جداً.
عيوب الأغانيرغم أن أبا الفرج ذكر الروايات بالإسناد نجد فيه كميات طائلة من الروايات المنحولة الموضوعة لايمكن الاعتماد عليها كما نجد فيه مجموعات كثيرة من القصص المستهجنة والحكايات الخليعة وهذا يعتبر من عيوب الكتاب.كتب اسم أحد الأعلام الأجلاّء من شيوخ الإمام أحمد بن حنبل، والإمام البخاري، وقد ورد اسم هذا العَلَم الشامخ الجليل، في سند طويل، ضمّ بعض الكذابين، والمجروحين من الرواة وينتهي ذلك السند الطويل العريض، إلى خبر تافهٍ سقيمٍ، ومعنى خبيثٍ لئيمٍ.راح الأصبهاني يتخبط ويضطرب في تزوير أحداث التاريخ وأسماء الأعلام وتواريخ الوفيات. مع شتم للأعلام الكبار أمثال أبي الأسود الدؤلي، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد والإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمهم الله تعالى.اهتمّ سرد الجوانب الإنسانية الضعيفة في حياة الشعراء، وركزّ على جانب الخلاعة والمجون في تصرفاتهم، وأهمل الجاد الرزين المعتدل منها.يهمل من الأخبار ماليس جذّاباً حتى ولوكانت فيه فائدة، ويعمد إلى ما هو شائق ومسلّ من القصص والحكايات، يطرف به النفوس المحزونة، ويروحّ به عن العقول المكدودة، حتى ولو كان قليل أهمية.اعترف معظم العلماء على أن الأصبهاني رجل غير مأمون، ولايوثق به عند علمائنا الأجلاّء المدققين الممحصين.
نتائج الدراسة
علي بن الحسين ملقب بأبي الفرج الأصبهاني الأموي، صاحب كتاب الأغاني شيعي، وهذا نادر في أموى. وكان طلبه في حدود الثلثمائة، فكتب مالا يوصف كثرة حتى قد اتهم بالدس الفاضح. والظاهر أنه صدوق. وفي سبيل ذلك فقد رجعت إلى عدد كبير من المصادر والمراجع، واستقرأت أسماء ما ذكر لأبي الفرج فيها من الكتب، وقمت بدراسة تاريخ  معظم كتاب منها، وقارنت بينها بعد أن رتبته  ترتيباً تاريخياً، ورجعت إلى مؤلفات الأصبهاني التي وصلت إلي، فرصدت أسماء بعض ما ذكره من تصانيفه فيها، مما أمكن لي معه تصحيح أسماء هذه الكتب، وتوثيق نسبتها إليه. وكانت حصيلة ذلك كله النتایج التي کتبت في التالي:لقد هممت بأن أجمع المعلومات المؤثقة من المصادر المعتمدة بدءاً من أخبار خير القرون من سلف هذه الأمة ثم ما تتابع بعدها من الأجيال حتى العصر الحاضر.آثرت الوقوف على الكثير من تلك الأخبار الذي وردت في الأغاني، ولكنه القليل الذي يغني عن سائرها بما يحمله من الدلائل على ما وراءه لم ألبث أن عدلت عن ذلك الهمِّ بما تذكرت من أعبائه التي قد ينفد الأجل المقدور قبل استكمالها.قد تبين آراء العلماء في شخصية الأصفهاني ومنهج تأليفه وأسلوبه في تصنيف الأغاني، فمع اتفاقهم على تجريح شخصية الأغاني وعدم الاعتماد على معلومات التي جمعت في الكتاب ويختلفون في قيمته الذاتية.بسبب أنه أتهم هارون الرشيد باتهامات فضيعة، وممن فعل ذلك وافتعل صاحب  کتاب الأغاني، فإنه أتى بأخبار تشيب لها الرءوس، وأنا أنصح الجيل بعدم قراءة هذا الكتاب إلا من أنس من قلبه ونفسه علماً ووعياً وتقوى، فلا بأس أن يستفيد من بعض ما فيه من الأدب والقصص، لكنه تهالك واحترق في تراجم الخلفاء، وتكلم عن الدولة الأموية والعباسية؛كأنها دول موسيقى، وغناء، وخمر وعربدة، وأطفأ ذاك اللموع الذي رأيناه في المجال العلمي، والمجال الأدبي، ومجال الثقافة والحضارة، ومجال العدل والإنصاف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فحسيبه الله.
ولقد كان المتوقع أن يأخذ هذا المقال سبيله إلى النشر قبل أشهر، ولكن بعض الأساتذة من أولي النهى رأى أنه لا يزال في الموضوع متسع لإضافات أخرى لا ينبغي أن تحجب عن قرائه الذين يهمهم الوقوف على المزيد من مؤامرات الحاقدين على الإسلام، لتكون الصورة في أذهانهم شاملة للسابقين منهم، الذين يستشرفونهم من خلال دسائس هذا الشيعي، واللاحقين الذين يواجهون ملامحهم في ثنايا وسائل الإعلام المعاصرة في مختلف الألوان والشيات واللغات.
 
مسرد المصادر والمراجعابن الأبار، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي .(1962م).كتاب الحلة السيراء ج1 (ت658هـ) ت: الدكتور عبد الله الطباع، بيروت: دار النشر للجامعيين.ابن الأثير، عزالدين علي بن أبي المكرم محمد.(1997م). الكامل في التاريخ ج 7(ت630هـ) ت: عمر عبد السلام تدمري، بيروت: دار الكتاب العربي.ابن الجوزي، أبي الفرج عبد الرحمن بن علي .(1357هـ). المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ج7 (ت597هـ) هند: نشر حيدر آباد الدكن.ابن حزم، علي بن أحمد بن سعيد .(1983م). جمهرة الأنساب العرب ج1، (ت456هـ) ت: لجنة العلماء، بيروت: دار الكتب العلمية.ابن الوردي، زين الدين عمر.(1970م). تتمة المختصر ج2 (ت749هـ)، ت: أحمد رفعت البدراوي، بيروت: دار المعرفة.ابن حجر عسقلانی، احمد بن علی بن محمد .(2002م). لسان المیزان ج4، (ت: 852هـ) ت: عبد الفتاح ابوغدة، بیروت: دار البشائر الإسلامیة.ابن خلدون، عبد الرحمن بن خلدون.(1961م). تاريخ ابن خلدون (ت808هـ) بيروت: دار الكتاب.ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد .(1994م). وفيات الأعيان ج1، ت: احسان عباس، بيروت: دار صادر.ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد .(1994م). وفيات الأعيان ج2، ت: احسان عباس، بيروت: دار صادر.ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد .(1994م). وفيات الأعيان ج3، ت: احسان عباس، بيروت: دار صادر.ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد .(1994م). وفيات الأعيان ج4، ت: احسان عباس، بيروت: دار صادر.ابن كثير، أبو الفدا عماد الدين إسماعيل بن عمر.(1966م). البداية والنهاية  ج11 (ت774)، بيروت: مكتبة المعارف.ابن منظور، محمد بن المكرم .(1965م). مختار الأغاني في الأخبار والتهاني ج1(ت711هـ) ت: إبراهيم الأبياري،بيروت: ونشر زهير الشاويش.ابن منظور، محمد بن المكرم .(1965م). مختار الأغاني في الأخبار والتهاني ج3(ت711هـ) ت: إبراهيم الأبياري،بيروت: ونشر زهير الشاويش.ابن نديم، محمد بن اسحاق .(ب.ت). الفهرست (حوالي 378هـ)،  القاهرة: مكتبة التجارية.ابن الخطيب، محمد عجاج بن محمد .(2001م). لمحات في المكتبة والبحث والمصادر ج1، بيروت: الموسسة الرسالة.الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين (ب، ت) الأغاني الكبير، القاهرة: دار الكتب المصرية. الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين (ب، ت) تصدير الأغاني منسوب بأصبهانی ج1، دمشق: مطبعة الجامعة السورية. الأصمعي، محمد عبد الجواد.(ب،ت). أبو الفرج الأصفهاني وكتابه الأغاني، القاهرة: دار المعارف بمصر.بغدادي، أحمد بن علي الخطيب.( 1931م). تاريخ بغداد ج13 (ت463هـ) القاهرة: مكتبة الخانجي.البغدادي، إسماعيل باشا .(1951م). هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين (ت1339هـ) ب

کاتب ومترجم وأدیب أفغاني،

التعليم اللغة العربية في أفغانستان الواقع والمأمول

لتحمیل کتاب المحاورات الیومیة

في ,بن ,على ,إلى ,الأغاني ,أن ,كتاب الأغاني ,أبو الفرج ,محمد بن ,بن محمد ,أحمد بن ,1994م وفيات الأعيان ,احسان عباس، بيروت ,محمد 1994م وفيات ,الطب والنجوم والأشربة

مشخصات

تبلیغات

محل تبلیغات شما

آخرین ارسال ها

برترین جستجو ها

آخرین جستجو ها